ندوة حول اللغة والإعلام السمعي البصري
تنظم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ندوة حول “اللغة والإعلام السمعي البصري” وذلك يوم الخميس 29 مارس 2018 بداية من الساعة التاسعة صباحا بنزل قولدن توليب-المشتل بتونس العاصمة.
وسيتم خلال هذه الندوة تناول موضوع اللغة في القنوات التلفزية والإذاعية وطرح مختلف الإشكالات المتعلقة بها ومناقشتها مع المهنيين وأكاديميين متخصصين وممثلين عن منظمات من المجتمع المدني. كما ستمثل الندوة مناسبة أولى لتبادل الآراء والأفكار والمقترحات في سبيل مزيد التعمق والبحث في مختلف جوانب الموضوع.
مقدمة تمهيديّة للندوة
لقد مثل ‘جانفي 2011’ تاريخا فاصلا في تونس، أعاد تشكيل المشهد السمعي والبصري بحثا عن الانسجام وتمثلا للمعطيات الجديدة والتطورات التكنولوجية الوافدة. فتعددت وسائل الإعلام وتنوعت معها الخطابات، وتحولت لغة الإعلام من صيغة الموحد إلى صيغة الجمع، وتمّ التعاطي مع الفضاء من خلال لغة أثارت الرأي العام حتى تحول الاهتمام نحوها على حساب المعاني التي تحتملها. وأدى غموض السياسات اللغوية وعدم اكتمالها إلى تعامل ارتجالي مع اللغة حد تسرب ممارسات مثيرة للجدل وغريبة عن أدبيات الصحافة التي من أهم قواعدها أن تكون اللغة مدروسة ومقصودة أفعالا وأوصافا وتركيبا، احتراما للمتلقي وذكائه وحسه النقدي وحقه في إعادة قراءة الأحداث والمعطيات وفق تصوراته الخاصة، واحتراما للذوق العام كقيمة أساسية للتقييم في علاقة بمجالات الترفيه والتثقيف.
لقد واجهت حرية التعبير بعد الثورة تحد كبير ارتبط ب”ثقافة” تكميم الأفواه وبلغة إعلامية موسومة بما يعبر عنه ب”الخشبية”، فطوال أكثر من نصف قرن تعرضت لغة الإعلام في تونس إلى التوظيف فاتخذتها السلطة السياسية لبوسا وناغمتها مع أهدافها واستراتيجياتها. وهذ ما أربك أداء وسائل الإعلام خاصة في ظل رهانات اقتصادية يفرضها النموذج الليبرالي للإعلام الخاص، في مقابل إعلام عمومي لم تتآلف بعد معاييره المجردة مع سياقاته السياسية والثقافية الخاصة.
كان يفترض أن تفضي هذه التحولات إلى لغة تعبر عن مخزون قيمي منشود أصبحنا نخشى أن تطول مسافة تشكله، خاصة عندما نعاين شكايات العديد من المستمعين والمشاهدين للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري حيث دأبوا على توصيف الوضع باستعمال مصطلح “الانفلات” الإعلامي واللّغوي معبرين عن رفضهم لبعض السلوكات اللغوية في غياب مرجعيات وسياسات واضحة تساهم في الحد من هذا “الانفلات”.
إن تجربة السنوات الماضية في علاقة باللغة الإعلامية تفيد بما لا يدع مجالا للشك محدودية نجاعة التعديل الذاتي في القنوات الإذاعية والتلفزية في علاقة بإرساء سياسات لغوية خاصة بالمؤسسة على غرار التجارب الإعلامية الناجحة وذلك اعتبارا للخصائص المركبة والسياقات المتداخلة المتعلقة باللغة في علاقتها بالإعلام. إضافة إلى أن مثل هذه المواضيع تستوجب أرضية عمل مشتركة بين العديد من الأطراف وبالتعاون مع مختلف الاختصاصات نظرا للترابط الوثيق بين الفضاء الإعلامي والفضاءات المحيطة. لهذا فإنه من الضروري فتح باب النقاش العام حول هذا الملف ورصد اتجاهاته والعمل على ألاّ تتحول مؤشراته الظرفية الى مؤشرات اتجاهية تكون نتائجها وخيمة.
وسوف تكون هذه الندوة منطلقا لتناول الموضوع وتحديد معاييره ومؤشراته المبدئية سعيا لتوطين علاقة اللغة والإعلام في إطار يسمح بفتح آفاق جديدة للاهتمام والبحث.