الهيئة توجه لفت نظر لقناة تونسنا بخصوص حلقة من برنامج “نقطة استفهام”
تونس في 17 ديسمبر 2018
من رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري إلى السيد عبد الحميد بن عبد الله الممثل القانوني للقناة التلفزية الخاصة “تونسنا”
لفت نظر
بعد الاطلاع على دستور الجمهورية التونسية المؤرخ في 27 جانفي 2014 وخاصة أحكام الفصل 27 منه،
وبعد الاطلاع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية سنة 2008 وخاصة أحكام المادة 13 منها،
وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وخاصة أحكام المادة 19 منه،
وعلى المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري وخاصة مقتضيات الفصل 28 منه،
وعلى أحكام الفصول 13، 22 فقرة 01 و24 من كراس الشروط المتعلق بالحصول على اجازة احداث واستغلال قناة تلفزية خاصة،
وبعد الاطلاع على التقرير الوارد من وحدة الرصد بالهيئة بخصوص حلقة برنامج “نقطة استفهام” التي تم بثّها بتاريخ 27 نوفمبر 2018 والتي تناولت ظاهرة “الفساد في الولايات” وتم خلالها بث تقرير يتعلّق بمعطيات تحيل إلى وجود شبهة فساد حول والية نابل،
وحيث تبيّن من خلال تقرير وحدة الرصد بأنه ولئن تم تنزيل العمل الصحفي في إطار العمل الاستقصائي إلا أنه لم ينضبط للقواعد المهنية التي تحكمه،
حيث لم يعتمد التقرير الصحفي الذي وصف بالاستقصائي والذي استغرق 07 دقائق فقط الدقّة في تناول الموضوع حيث تم استعمال مصطلحات من قبل مقدمة التقرير تحيل على القطع بثبوت تهمة الفساد وهو توجه تم التمادي فيه أيضا من قبل مقدم البرنامج من خلال توجيه اتهام مباشر لوالية نابل بالتورّط المباشر في ملفات فساد باستغلال منتوج أشجار زيتون موجودة في حديقة تابعة لمنزلها الوظيفي علاوة على سوء تصرّف في المال العام وذلك بقوله:” بصراحة هذا الفساد بأم عينه…” وقول المعلّقة “وفاء الشاذلي:” ناس تؤمن برزق البيليك، تي ما تحسش نفسك على انت في دارك ملكك رزقك […] انت مستأمنة […] هذا يعتبر خيانة مؤتمن“،
وفي نفس الإطار وبعد الاتصال بوالية نابل وتوجيه أسئلة لها بخصوص استغلالها “صابة الزيتون” داخل منزلها الوظيفي وتلقي جوابها وبعد انقطاع المكالمة واصل مقدم البرنامج وضيوفه التأكيد في تصريحاتهم على تورّط والية نابل في الفساد على غرار ما قاله مقدم البرنامج:” هو تقريبا السيدة الوالية اعترفت أنو لحسابها الخاص محاصيل صابة الزيتون في المنزل الوظيفي متاعها وعلى النيابة العمومية أن تقر بهذا…” وقول المعلّقة وفاء الشاذلي:” راهي زادة أكدتلنا أنو فما جريمة يقع التستر عليها”،
وحيث تبيّن أيضا بأن العمل الذي وصف بالاستقصائي سند الاتهام اعتمد على شهادة وحيدة وردت على لسان سائق سابق بولاية نابل وهو ما يتعارض مع ضرورة التحقق من دقة المعلومة في إطار الصحافة الاستقصائية بالرجوع إلى أكثر من مصدر.
وحيث تؤكّد الهيئة على أهمية دور الإعلام ومسؤوليته في المساهمة في الكشف عن مكامن الفساد ومرتكبيه، وهو ما أكدت عليه المادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إذ شجعت الدول على دعوة وسائل الإعلام إلى “القيام بأنشطة إعلامية تسهم في عدم التسامح مع الفساد، …” وأكدت على ضرورة ” احترام وتعزيز وحماية حريّة التماس المعلومات المتعلّقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها…”
وفي المقابل أكّدت نفس المادة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على جملة من الضوابط الواجب الالتزام بها ومنها خاصة احترام حقوق الآخرين وسمعتهم أو حماية الأمن العام والنظام العام أو لصون صحة الناس وأخلاقهم،
وحيث يتطلب العمل الصحفي الاستقصائي اعتماد الدقّة والموضوعية والبحث المعمّق المستمر على مدى مدّة معقولة زمنيا تسمح بالاعتماد على مصادر متعددة للمعلومة والقيام بتقاطعات ومقارنات بين المعلومات المتوفرّة والتثبّت من صحّتها،
وحيث أن حلقة البرنامج المشار إليها تضمّنت في عرضها لشبهة الفساد المتعلقة بوالية نابل اقرارا مباشرا بتورّطها في فساد مالي وإداري، وهو ما يتعارض مع أخلاقيات المهنة الصحفية فيما يتعلق بالصحافة الاستقصائية وما تقتضيه من ضرورة الالتزام بما سبق بيانه من ضوابط، فضلا على ما تقتضيه أحكام الفصل 27 من دستور الجمهورية التونسية الذي يؤكد على أن المتّهم بريء إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة وباعتبار أن الإدانة لا يمكن أن نقرّ بها إلا بناء على حكم قضائي نهائي وبات،
وحيث يقتضي الفصل 28 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري أنه ” في حالة علم المراقبين بوقائع تمثل مخالفة للنصوص الجاري بها العمل، كالممارسات المنافية للاحترام الواجب لشخص الإنسان وكرامته وحماية الأطفال وللأخلاقيات المهنية وبأي خرق لمقتضيات كراس الشروط من قبل المنشآت صاحبة الإجازة، يعلم المراقب فورا بذلك رئيس الهيئة الذي يقرر التدابير الـــواجب اتخاذها بعــــــــــــد تداول الهيئة …”،
وحيث يقتضي الفصل 22 من كراس الشروط المتعلق بالحصول على اجازة احداث واستغلال قناة تلفزية خاصة في فقرته الثانية على أنه:” يلتزم الحاصل(ة) على الإجازة بضمان نزاهة المعلومة”.
وحيث يقتضي الفصل 24 من كراس الشروط المتعلق بالحصول على اجازة احداث واستغلال قناة تلفزية خاصة في فقرته الثانية على أن صاحب الإجازة:” يلتزم بالسهر خاصة على منع نشر أخبار زائفة واتهامات دون مؤيدات”.
وعليه ولهذه الأسباب
فإن مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري يلفت نظركم إلى الخرق المسجل في حلقة برنامج “نقطة استفهام” التي تم بثّها بتاريخ 27 نوفمبر 2018 ويدعوكم إلى الالتزام بالضوابط القانونية وأخلاقيات المهنة الصحفية فيما يتعلق بتناول مواضيع تتطلب تقديم معلومات دقيقة دون السقوط في توجيه اتهامات دون مؤيدات.
عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري
الرئيس
النوري اللجمي