تقرير حول تغطية وسائل الإعلام السمعية والبصرية لموضوع العدالة الانتقالية (22 – 28 أكتوبر 2018)
شهد مسار العدالة الانتقالية في تونس جدلا واسعا وذلك منذ إصدار القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرّخ في 24 ديسمبر 2013 والمتعلّق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها.
شمل هذا الجدل تركيبة هيئة الحقيقة والكرامة ومهامّها، وكذلك مختلف مراحل مسار العدالة الانتقالية بدءا من كشف الحقيقة وحفظ الذاكرة، مرورا بطور المساءلة والمحاسبة وجبر الضرر وردّ الاعتبار، وصولا لمرحلة المصالحة.
وقد عرف هذا المسار تجاذبات عدّة بين الأحزاب السياسية ومكوّنات المجتمع المدني والمختصّين في القانون وطيف واسع من المجتمع التونسي.
تراوح مضمون هذه التجاذبات بين الجدل السياسي حول مضمون العدالة الانتقالية، وغاياتها، ومآلاتها، والهيئة المشرفة على مسارها، وبين الجدل القانوني حول تركيبة هذه الهيئة، ومجال تدخّلها، وحدود صلاحياتها، ومدّة عملها.
عاد هذا الجدل بشكل لافت خلال شهر أكتوبر 2018، وتحديدا في الأسبوع الأخير من هذا الشّهر، إثر إحالة هيئة الحقيقة والكرامة لملفّ وزير الدّاخلية السّابق السيّد أحمد فريعة على النّيابة العموميّة وتحجير السّفر عليه من طرف الدائرة الجنائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية بتونس العاصمة، بعد أن قضت المحكمة العسكرية في حقّه بالسّجن لمدّة سنتين مع وقف التّنفيذ في وقت سابق من أجل نفس الوقائع التي تعود إلى 13 جانفي 2011 والمعروفة “بأحداث الثورة في لافايات”.
أجّج هذا الإجراء الخلاف الحاصل في السّاحة السياسية الذي وصل إلى حدّ انسحاب كتلة حزب نداء تونس من الجلسة العامّة داخل مجلس نواّب الشعب وتهديدها بمقاطعة بقيّة الجلسات، وإطلاق الحزب الدستوري الحرّ لحملة ضدّ هيئة الحقيقة والكرامة، وهو ما أعاد النقاش مرّة أخرى داخل الفضاءات العامة حول اجال انتهاء أشغال هذه الهيئة ومدى شرعيّة قراراتها.
امتدّت هذه النقاشات والصّراعات بين فاعلين سياسيين ومختصين في القانون وأعضاء هيئة الحقيقة والكرامة… إلى فضاءات الإعلام السمعيّ البصريّ، ممّا دفع مجلس الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري بتكليف وحدة الرّصد برصد التعاطي الإعلامي مع موضوع العدالة الانتقالية…