رأي الهيئة في مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة
من رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري إلى عناية السيد رئيس مجلس نواب الشعب
الموضوع: رأي الهيئة في مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة (عدد 25/2015).
أما بعد،
عملا بأحكام الفقرة 2 من النقطة 8 من الفصل عدد 148 من الدستور،
وبأحكام الفصل عدد 19 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري،
وبالفصول عدد 3 و4 و5 و6 من المرسوم عدد 116 المشار اليه أعلاه،
وبعد إطلاع مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتّصال السّمعي والبصري على شرح أسباب مشروع القانون المذكور أعلاه ومقتضيات فصوله وبالخصوص، الفصول عدد 1و4 و5 و6 و7 و8 و12منه.
يعتبر مجلس الهيئة أن مشروع القانون يدخل في بعض بنوده ضمن مجال إختصاص الهيئة في مجال إبداء الٍرأي المنصوص عليه صلب الفصل عدد 19 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011.
وحيث إجتمع مجلس الهيئة وقرر إحالة رأي الهيئة، الآتي بيانه، إلى مجلسكم الموقر للتفضل بإحالته على السيدات والسادة أعضاء المجلس وأعضاء لجنة التشريع العام.
رأي الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري
بخصوص مشروع قانون يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة (عدد 25/2015)
أولا من حيث الإجراءات:
تعبّر الهيئة عن تحفّظها بشأن عدم طلب رأيها بخصوص مشروع هذا القانون و بالعديد من المشاريع المتضمنة لأحكام تدخل في مجال اختصاصها خلافا لما يقتضيه القانون فيما يخصّ طلب رأي الهيئة.
- من حيث الأصل:
بعد إطّلاعها على أحكام الفصول عدد 1 و4 و5 و6 و7 و8 و12 من مشروع القانون المعني بهذا الرأي، تنبّه الهيئة إلى خطورة هذه الأحكام باعتبارها اعتمدت مصطلحات مستحدثة مثل مصطلح “أسرار الأمن الوطني” ومصطلح “تحقير القوات المسلّحة” وهي مصطلحات ليست بالدّقة الكافية بما يجعلها قابلة للتأويل ومهددة للحقوق والحريات المكفولة بالدستور. - تعتبر الهيئة أن ما ورد في الفصلين عدد 7 و8 من مشروع القانون يخالف بصورة صريحة ومباشرة أحكام الفقرة الثانية من الفصل عدد 31 من الدستور التي تنص على أنه لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر، إذ تم إخضاع التغطية الإعلامية إلى الترخيص المسبق صلب الفصل 7 في إطار صياغة قانونية غير دقيقة وتم ترتيب عقوبات سالبة للحرية عن مخالفتها صلب الفصل 8.
- تعتبر الهيئة أن صياغة الفصول عدد 1 و4 و5 و6 و12 صياغة غير دقيقة ومن شأنها أن تؤدّي إلى نفي الحقوق الدستورية المتضمنة بالفصول عدد 21 و32 و37 حيث أنّها تخل بالحقوق الفردية والعامة للمواطنين والمواطنات وتحول دون تكريس الحق في الإعلام و منع الإعلام من مواكبة الاجتماعات والتظاهرات السلمية.
- تلفت الهيئة النظر إلى أن وثيقة شرح الأسباب استندت إلى المواثيق الدولية ومن بينها وثيقة المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية بما كان يفترض أن تكون أحكام مشروع القانون مستلهمة منها ومستوعبة لمضمونها وهو ما لم يتم العمل به خصوصا فيما يتعلق بمبادئ أساسية وهي: التناسب والمشروعية والمساءلة والضرورة.
- تعتبر الهيئة أن احكام مشروع القانون المشار اليها سابقا تمثل انتهاكا غير مسبوق لأحكام الفصل عدد 49 من الدستور التي أوضحت أن الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وبممارستها يحددها القانون ولكن بما لا ينال من جوهرها مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها وتتكفّل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.
- لئن تؤكد الهيئة على ضرورة حماية قواتنا الحاملة للسلاح بمختلف تشكيلاتها والإحاطة بها وبعائلاتهم، فإنها تعتبر أن هذه الحماية يجب أن تندرج صلب مشروع قانون أساسي يكرس ما ورد في الفصلين عدد 18 و19 من الدستور من أنها أجهزة جمهورية تعمل في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التام.
ولهذه الإعتبارات،
تعتبر الهيئة ان أحكام مشروع القانون المعروض، وخصوصا منها الداخلة في مجال اختصاص الهيئة، وهي أساسا الفصول عدد 1 و4 و5 و6 و7 و8 و12، تمثّل تهديدا حقيقيا لحرية التعبير وحرية الإعلام والصحافة والحقوق الفردية والعامة للمواطنين والمواطنات، وتخرق بصورة صريحة الأحكام الدستورية الواردة خصوصا صلب الفصول عدد 21 و31 و32 و37 و49 من الدستور.
ويدعو مجلس الهيئة الحكومة، بصفتها صاحبة المبادرة التشريعية، ومجلس نواب الشعب، صاحب السلطة التشريعية إلى التخلي عن هذا المشروع وسحبه لفائدة نصّ قانوني يحترم مبادئ الدستور ويكرّس الطابع الجمهوري للقوات المسلّحة ويدّعم الثقة بينها وبين المواطن.
والسلام