عمر الوسلاتي: الهيئة تعمل على دعم وعي المواطن بخصوصيات عملها التعديلي
تعتبر القرارات من بين الآليات التي تعتمدها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري لتنظيم القطاع السمعي البصري في تونس وتعديله. وتنقسم هذه القرارات خاصة إلى قرارات ترتيبية وقرارات فردية تتعلق في جزء كبير منها بالمضامين التي تبثها القنوات التلفزية والإذاعية.
ويستند مجلس الهيئة في اتخاذ قراراته إلى مختلف التقارير التي تعدها وحدة الرصد التابعة للمؤسسة، لكن أيضا إلى الشكايات التي يتلقاها من المواطنات والمواطنين بعد التثبت في المضامين الإعلامية المعنية ومن إمكانية تضمنها للخروقات.
السيد عمر الوسلاتي، نائب رئيس الهيئة والمكلف بالشؤون القانونية صلبها يقدم لنا فكرة عن كيفية التعاطي مع هذه الملفات وخاصة مع الشكايات الواردة على الهيئة ومدى أهميتها وكذلك الإجراءات التي تتبعها الهيئة لاتخاذ قراراتها المتعلقة بالمضامين الاعلامية السمعية البصرية.
كيف تقيمون ردود فعل بعض المتابعين للقنوات التلفزية والاذاعية بخصوص قرارات الهيئة المتعلقة بالمضامين الإعلامية؟
أعتقد ان تطور المشهد الإعلامي السمعي والبصري في علاقة بالتعددية والتطور الحاصل على مستوى التكنولوجيات ووسائل الاتصال الحديثة كشبكات التواصل الاجتماعي ساعد المواطنات والمواطنين على النفاذ أكثر للمعلومات ومنها المتعلقة بالهيئات المستقلة والدستورية والهيئات القضائية ومكنهم خاصة من التعرف أكثر على آليات التشكي لدى الهيئات ومتابعة القرارت التي يتم اتخاذها والتي يتم نشرها فيما ما بعد.
أحيانا نلاحظ عدم فهم للدور الحقيقي للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري القائم على التعديل باعتبارها ليست هيئة رقابية بالمفهوم التقني للكلمة ولاتمارس الرقابة القبلية التي يمنعها الدستور التونسي الجديد وكذلك القانون المحدث لها. وهنا نؤكد أن دور الهيئة أساسا هو مرافقة وسائل الاعلام بهدف ضمان تقديم خطاب جيّد ومضامين ذات جودة تهتم بقضايا المواطنين والمواطنات .
كما لاحظنا ان التفاعل مع بعض القرارات التي تصدرها الهيئة سواء في شكل لفت نظر او قرارات تجد صدا ورفضا مقابل المطالبة بعقوبة قصوى كإلغاء برنامج أو قطع البث عن قناة وهذا يعود الى عدم فهم البعض للدور التعديلي للهيئة والإجراءات المتبعة وكذلك لفلسفة المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المحدث لها الذي يضمن حرية الرأي والتعبير والنشر ويتناسب مع مجتمع ديمقراطي تعددي.
هل يعتمد المواطن التونسي على آلية التشكي للهيئة بخصوص المضامين الإعلامية السمعية والبصرية؟
ان التطور الذي شهدته تونس خاصة خلال المرحلة الانتقالية وتطور الوعي “المواطني” بضرورة بناء مجتمع تعددي ومتنوع جعل من المعلومة الركيزة الأساسية لعدد من الحقوق ودفع بعض المواطنات والمواطنين لتقييم المضمون الإعلامي والبرامج التلفزية والاذاعية التي يتم بثها والتعبير عن رأيهم فيها بأشكال مختلفة وعبر وسائط متعددة.
ولعل البعض منهم أراد ان تستجيب المضامين الاعلامية التي يتم بثها لبعض القواعد الذاتيّة ولقناعات شخصية أو توجهاتهم الدينية أو الأخلاقية أو لانتظاراتهم الخاصة وفي غياب ذلك يلجؤون مباشرة الى آلية التشكي كآلية للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بخصوصها.
في كل الحالات آلية التشكي هي آلية مهمة بالنسبة لعمل الهيئة وهناك وعي متنامي بأهميتها بالنسبة للمواطن، حيث سجلنا ارتفاعا في عدد الشكايات، التي تلقيناها عبر البوابة الخاصة بالشكايات على موقعنا الرسمي على الواب أو عبر العنوان الالكتروني المخصص لذلك، مقارنة بالسنوات الفارطة حيث بلغ عددها 192 شكاية في سنة 2019.
تعتبر آلية التشكي من الآليات الهامة لتعديل القطاع، فما مدى أهمية العمل على مسألة تطويرها في إطار برنامج التوأمة مع المجلس الأعلى للسمعي البصري البلجيكي؟
ان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وفي اطار تطوير عملها وفي اطار برنامج التوأمة الذي انطلق منذ أكثر من سنة مع المجلس الأعلى للسمعي البصري البلجيكي، نظمت خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر 2019، عدة ورشات عمل مع السيدة “ماري كومان” المكلفة بصياغة القرارت ودعم المجلس البلجيكي وذلك بغاية الاطلاع على تجربتهم في مجال التعاطي مع الشكايات ومسار اتخاذ القرارات. إذ يقتصر المجلس البلجيكي على الشكايات الواردة عليه في اتخاذ قرارته بشأن المضامين الإعلامية على عكس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري التي تعتمد على تقارير وحدة الرصد التابعة لها بالإضافة الى الشكايات التي تتلقها والتي يتثبت منها مجلس الهيئة قبل اتخاذ قراراته.
كذلك تم التركيز خلال الورشة على تبادل الخبرات خاصة في مجال “تسبيب” القرارات وتأسيسها لتصل الى العموم ثم تساعد وسائل الاعلام السمعية والبصرية على مراجعة توجهاتها بشكل يتناسب مع التزاماتها القانونية طبقا لكراسات الشروط وكذلك أخلاقيات المهنة وتراعي أيضا التناسب مع مجموعة من الحقوق الأخرى المتعلقة بالحق في النفاذ للمعلومات والاخبار والبرامج والحق في حرية الرأي والتعبير المكفولة بالدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية .