في العيد العالمي للمرأة، نحو مزيد دعم المساواة بين الرجال والنساء في الاعلام وضمان التوازن
تحت شعار “أنا المساواة بين الأجيال.. إعمال حقوق المرأة” تحتفل تونس وسائر دول العالم بالعيد العالمي للمرأة، وإذ تهنئ الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري نساء تونس وخاصة النساء العاملات في مجال الاعلام سواء كن صحفيات او مخرجات او في المجال التقني او الاداري فإنها تدعو كل المؤسسات الاعلامية الى احترام حقوقهن المهنية كما تدعو هذه المؤسسات الى احترام الجمهور بتقديم مضامين ذات جودة تحترم المهنية وأخلاقيات العمل الصحفي وتراعي التوازن كما تقطع مع الصورة النمطية ضد النساء ، الى جانب عدم التمييز على أساس الجنس وحسن معالجة المواضيع التي تتضمن أشكالا مختلفة من العنف المسلط ضدهن.
هذا بالإضافة إلى استثمار مقاربة النوع الاجتماعي بوصفها أداة تحليل لرصد توازن الفضاء الإعلامي من جهة، وأداة تقييم ومتابعة لمدى التزام المؤسسات الإعلامية بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمرجعيات القانونية الوطنية على مستوى المضامين من جهة ثانية.
وتذكر الهيئة أنه، في إطار رصد المضامين السمعية والبصرية، يتم مراعاة مدى التزام وسائل الاعلام السمعية والبصرية بالمبادئ الأساسية المضمنة في الدستور التونسي، خاصة في فصليه 21 و46 من باب الحقوق والحريات، إضافة إلى المبادئ المنصوص عليها في الفصول عدد 5 وعدد 15 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصرى وبإحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وكذلك الفصول عدد 24 وعدد 25 من كراس الشروط، علاوة عن مقتضيات القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 4 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة خاصة في فصله عدد 11 من باب ” في الوقاية والحماية من العنف ضد المرأة” الذي يؤكد على أن ” تتولى وسائل الإعلام العمومية والخاصة التوعية بمخاطر العنف ضد المرأة وأساليب مناهضته والوقاية منه وتحرص على تكوين العاملين في المجال الإعلامي على التعاطي مع العنف المسلط على النساء في ظل احترام أخلاقيات المهنة وحقوق الإنسان والمساواة. ويمنع الإشهار وبث المواد الإعلامية التي تحتوي على صور نمطية أو مشاهد أو أقوال أو أفعال مسيئة لصورة المرأة أو المكرّسة للعنف المسلط عليها أو المقلّلة من خطورته، وذلك بكل الوسائل والوسائط الإعلامية.”
مع العلم أن الالتزام بهذه المرجعيات القانونية يساهم بطريقة إيجابية في تطوير المضامين الإعلامية بما يخدم مصلحة كل الفئات الاجتماعية.
كما تدعو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري المؤسسات الاعلامية الى تفعيل آليات التعديل الذاتي، وفي هذا الإطار وبطريقة تشاركية مع الصحفيين وممثلين عن المجتمع المدني، انتجت الهيئة “وثيقة مرجعية حول التناول الاعلامي لقضايا المرأة” تضمنت جملة من القيم المرجعية التي يجب أن ترتكز عليها كل المضامين خاصة منها احترام الكرامة المتأصلة في النساء وحرية خيارتهن واستقلاليتهن الذاتية، إضافة إلى المساواة وعدم التمييز بين الجنسين، وتكريس حق النساء في حرية الراي والتعبير بالطرق والوسائل التي تناسبهن. كما تضمنت الوثيقة المرجعية في جزئها الثالث تأطيرا لدور وسائل الاعلام السمعية والبصرية في كيفية تعاطي الصحفيين مع أشكال العنف المسلط على النساء وذلك من خلال الالتزام بالضوابط التالية:
- اعتماد الموضوعية والحياد والالتزام بالدقة في نقل الوقائع والاخبار.
- تناول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي بعيدا على الاثارة.
- مناصرة قضايا مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي ومعالجتها في إطار مقاربة حقوقية.
- احترام الحياة الخاصة وعدم المس من الكرامة الإنسانية للنساء
- احترام الخصوصيات الثقافية للأشخاص.
- تكريس قيم المساواة بين المرأة والرجل.
ومن جهة أخرى، تعد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تقارير ودراسات تتعلق بموضوع صورة المرأة في المضامين الإعلامية وكيفية التعاطي مع قضاياها. وذلك من خلال الرصد اليومي لكل البرامج السمعية والبصرية التي يتخللها حضورا مباشر للمرأة أو تناولا لمواضيع وقضايا تتعلق بها.
والى جانب عملها التعديلي قامت الهيئة بإصدار تقارير ودراسات حول حضور النساء في مناقشة قضايا الشأن العام في المنابر التلفزية و افراد مقاربة النوع الاجتماع بقسم خاص في التقارير الخاصة برصد التعددية السياسية سواء في الفترات الانتخابية أو خارجها.
حيث اصدرت الهيئة سنة 2019 دراسة علمية حول “مكانة وصورة النساء في الانتاجات الدرامية التلفزيونية التونسية“، من خلال التركيز على المضامين بمختلف أشكالها في القنوات التلفزية بصفة خاصة. وركزت هذه الدراسة على الصـور النمطيـة المبنية على أسـاس الجنـس في خمس أعمال درامية مـن أجـل توعيـة مختلف الفاعلين المتدخلين في الإنتاج الدرامي بدورهم في نشر القيم الأخلاقية والإنسانية التي من شأنها ترسخ مبادئ المساواة والاختلاف ونبذ كل أشكال العنف والتمييز المبني على الجنس. وخلصت الدراسة في النهاية إلى أن مجمل الاعمال الدرامية المرصودة:
- 48 % من المشاهد الدرامية التي ظهرت فيها المرأة في مكان العمل كانت لا تقوم أثناءها بمهامها الوظيفية بل منشغلة بنشاطات أخرى مثل الحديث في مسائل عائلية ومشاكل شخصية أو الاهتمام بمظهرها.
- اختزلت صورة المرأة العاطلة عن العمل ضمن مهن ربات البيوت مقابل تثمين الدور الإنتاجي والاقتصادي للرجل.
- اقتصار مهنة المساعدة الإدارية في كل الاعمال الدرامية على دور المرأة، إذ لم يقم أي رجل بدور مساعد اداري.
- ارتباط دوافع نجـاح المرأة في مجال عملها بدهائهـا واعتمادها على طرق وأساليب غير سوية أو بدعم عائلي، وليس بفضل كفاءتها وقدراتها المعرفية.
- إعادة انتاج للعلاقات والتمثلات الاجتماعية تجاه المرأة من خلال تقديمها في أدوار ثانوية وقيامها بأعمال منزلية أو تربية الأبناء.
- تعرض الشخصيات النسائية بشكل ملحوظ لخطاب مشحون بعبارات السب والشتم، إذ تم رصد حوالي 225 عبارة سب وشتم ضد المرأة على امتداد ما يقارب 69 ساعة من البث، أي ما يعادل 3.22% عبارة سب وشتم ضد المرأة في الساعة.
ولئن تطمح الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري إلى تحقيق رهان تعديل المشهد السمعي والبصري على مستوى الشكل والمضمون بما من شأنه إنجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي، وترسيخ الدور الإيجابي والفعال لمختلف وسائل الاعلام في تجذير القيم الإنسانية الكونية المبنية على منظومة حقوق الانسان، فإن ما دأبت عليه منذ نشأتها يندرج ضمن هذا السياق في مجمله، مجددة تأكيدها على ضرورة التزام المؤسسات الاعلامية بالقواعد الأخلاقية للمهنة الصحفية وبمبادئ المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، بما من شأنه أن يعزز حظوظ مشاركة المرأة في الشأن العام لا سيما في المجال السياسي خلال الفترات الانتخابية.