بيان توضيحي
تونس في 13 فيفري 2018
تبعا لما ورد في تصريحات السيد مهدي بن غربية، وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، خلال لقاء إعلامي عقده يوم الخميس 08 فيفري 2018 ونقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء بنفس التاريخ، بخصوص المسار التشاركي الذي وقع اعتماده لصياغة مشروع قانون يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري، وما تضمنته من معطيات مغلوطة،
فإن الهيئة تأسف لما ورد بهذه التصريحات من مغالطات وتقدم التوضيحات التالية للتصحيح وإنارة الرأي العام:
أولا: إن مشاركة الهيئة في هذا المسار تندرج في اطار موجبات الفصل 19 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 الذي يؤكد على الاستشارة الوجوبية للهيئة بخصوص مشاريع القوانين المتعلقة بقطاع الاتصال السمعي والبصري.
ثانيا: لقد تفاعلت الهيئة مع مختلف مراحل هذه الاستشارة وعيا منها بالمسؤولية وبضرورة الدفع باتجاه التوصل إلى صياغة مشروع قانون يستجيب لروح الدستور وتحديدا لمقتضيات الفصل 49 منه، غير أنه تبيّن من خلال الخيارات التي ارتكز عليها مشروع القانون الذي تم إعداده من قبل الوزارة بأنه يتعارض مع مقتضيات الدستور في ما يتعلق بضمانات حرية التعبير واستقلالية الهيئة التعديلية ومنشآت الاتصال السمعي البصري. ومع ذلك استمرت الهيئة في التفاعل عسى أن يفضي ذلك إلى مراجعة جذرية لنقائصه ولكن دون جدوى
ثالثا: تذكر الهيئة بأن بداية مشاركتها في هذا المسار كان مع الوزير السابق السيد كمال الجندوبي حيث كان مشروع القانون موحدا غير أنه تضمن نفس الهنات، واستأنفت التشاور بخصوصه مع السيد مهدي بن غربية بناء على تعهده بالعمل على تجاوز الإشكاليات التي تمت إثارتها والاستئناس بمشروع القانون المعد من قبل الهيئة لكن ذلك لم يتم.
رابعا: إن إصرار الوزارة على القول بأن الاختلاف مع الهيئة هو اختلاف يتعلق بمسألة شكلية مرتبطة بفصل القانون إلى جزئين ولا يتعلق بمضمونه، فيه الكثير من المغالطة على اعتبار أن نقاط الاختلاف عديدة وجوهرية ومن أهمها:
- مسألة الترشح الحر لعضوية مجلس الهيئة بما من شأنه فتح الباب أمام المحاصصة الحزبية وضرب استقلالية الهيئة ونجاعتها.
- التقليص من صلاحيات الهيئة وذلك من خلال الزج بمؤسسات عمومية تابعة لوزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي في عملية التعديل والتدخل في القرارات التي تصدرها.
- عدم توفير ضمانات استقلالية المرفق الإعلامي العمومي على اعتبار أن مشروع القانون المعد من قبل الوزارة يهدف إلى تركيز مجلس إدارة تطغى على تركيبته السلطة التنفيذية إضافة إلى عدم ضبط آليات إعفاء المسؤولين عن تلك المؤسسات.
- عدم وجود ضمانات تتعلق بالحد من احتكار وسائل الإعلام السمعي البصري من قبل رؤوس الأموال.
خامسا: إن القول بأنه “تم الاتفاق بين رئيس الحكومة ورئيس الهيئة وثلة من أعضائها على تمرير مشروعي قانون الهيئة والقانون المنظم للقطاع في مسار متواز “ فيه كثير من المغالطة، إذ عبرت الهيئة عن موقف مجلسها الرافض لهذا الخيار من خلال المراسلات الموجهة إلى رئاسة الحكومة ورأيها المحال عليها بتاريخ 26 ماي 2017.
سادسا: إنه لمن الحيف القول بأن الهيئة “ساهمت في تعطيل هذا المشروع” خاصة وأنها عملت على اختزال زمن الاستشارة من خلال تقديم مشروع قانون متكامل خضع لاستشارة دامت أكثر من سنتين ووقع تبنيه من الهياكل المهنية والمجتمع المدني، هذا فضلا على أن النسخة الأولية من مشروع القانون المنظم للاتصال السمعي البصري الذي تمت إحالته على الهيئة من قبل الوزارة تبين بعد الاطلاع على مضمونه بأنه يتعلق بنفس النسخة التي سبق وأحيلت عليها من قبل السيد كمال الجندوبي وكانت قد أبدت رأيها بخصوصه خلافا لما ورد بتصريحات السيد الوزير بأن “اللقاء لم يكن مثمرا وأن الوزارة لم تتلق اجابة”.
وأخيرا، تنبه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري الرأي العام إلى ما يحتويه هذا القانون بجزأيه من مخاطر على مستقبل حرية التعبير واستقلالية وسائل الإعلام في تونس، من خلال خيارات تؤدي ضرورة إلى العودة بالإعلام العمومي إلى دائرة الإعلام الحكومي من خلال مجلس إدارة تطغى على تركيبته السلطة التنفيذية، ومن خلال الحفاظ على الهنات التي شابت المرسوم عدد 116 لسنة 2011 بعدم ضبط حالات وآليات إعفاء الرؤساء المديرين العامين للمؤسسات الاعلامية العمومية، اضافة إلى التراجع على الاختصاص الحصري للهيئة في إسناد الإجازات، ناهيك أن هذا القانون لا يحتوي على أحكام تتعلق بالحد من احتكار وسائل الإعلام السمعي البصري من قبل رؤوس الأموال ولا يأخذ بعين الاعتبار خطورة ذلك وانعكاساته في المستقبل لا على المشهد السمعي البصري فحسب وإنما أيضا على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية بصفة عامة.
عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري
الرئيس النوري اللجمي