استقلالية وسائل الإعلام ضمانة لانتخابات نزيهة وشفافة
تونس في 03 ماي 2019
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق ل 3 ماي والذي يتزامن مع الذكرى السادسة لإرساء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري،
يهم الهيئة أن تتوجه للرأي العام بما يلي:
سعت الهيئة منذ تركيزها إلى ضمان حرية الاتصال السمعي والبصري واستقلاليته وإلى تعديل المشهد الإعلامي وتنظيمه تكريسا لمبدأي التعدد والتنوع وقطعا مع إرث وممارسات النظام الدكتاتوري السابق الذي جعل من الإعلام بوقا للدعاية والتضليل.
وقد واجه هذا المسار منذ بدايته سنة 2011 حملات ممنهجة قادتها شبكة تتكون من بعض رؤوس الأموال تورطت في تجاوزات منظومة العهد السابق متحالفة مع أحزاب سياسية اختارت التموقع الانتهازي، سعت إلى عرقلة ممارسة الهيئة لصلاحياتها منذ تركيزها بل وإلى تقويض مسار الانتقال الديمقراطي برمته.
إن ما تحقق إلى حد هذا التاريخ في مجال حرية الإعلام، وعلى أهميته، لا يمكن أن يحجب بعض المؤشرات السلبية التي لا بد من التنبيه اليها والمتمثلة خاصة في:
- عدم استكمال القانون الأساسي البديل للمرسوم عدد 116 لسنة 2011 والذي بموجبه سيتم تركيز الهيئة التعديلية وفقا لأحكام الفصل 127 من الدستور، ناهيك أن مشروع القانون المقدم من قبل الحكومة لمجلس نواب الشعب تضمن أحكاما تمثّل تراجعا عن المعايير الدولية ذات الصلة بشكل يفضي ضرورة إلى ضرب حرية التعبير واستقلالية الهيئة وصلاحياتها.
- تعطّل مسار إصلاح الإعلام العمومي وعدم امضاء عقد الأهداف والوسائل كخطوة أولى باتجاه ارساء آلية لحوكمة مؤسسة التلفزة التونسية تقطع مع “الإعلام الحكومي”.
- عدم الحسم في ملف المؤسسات الاعلامية المصادرة بالتأخر في تفعيل قرار الحاق “إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم” بالإعلام العمومي وغياب الشفافية في علاقة بملف التفويت في اذاعة “شمس اف ام”.
- طريقة تعامل بعض الأحزاب الحاكمة مع ملف الإعلام بإضفاء نوع من الحصانة خُص بها أصحاب بعض المؤسسات الإعلامية التي تبث خارج إطار القانون، والذين يوظفون تلك المؤسسات للدعاية ويرفضون الالتزام بالقوانين المنظمة للقطاع وبالقرارات الصادرة عن الهيئة، ووصل الأمر بتلك الأحزاب حد إصدار بيانات مساندة لوضعيات غير قانونية، في محاولة للضغط على الهيئة بما يمس من استقلاليتها.
وعليه فإن الهيئة:
تدعو الحكومة إلى سحب مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري المقدم لمجلس نواب الشعب لما تضمنه من تراجع عن المعايير الدولية لحرية التعبير والإعلام.
تدعو مجلس نواب الشعب إلى التسريع في النظر في مشروع قانون حريّة الاتصال السمعي البصري البديل للمرسوم عدد 116 لسنة 2011 والمقدم في إطار مبادرة تشريعية من قبل مجموعة من نواب الشعب بتاريخ 03 جانفي 2018 وذلك لاستكمال تركيز هيئة الاتصال السمعي البصري التي نص عليها الفصل 127 من دستور الجمهورية التونسية.
تدعو القائمين على المؤسسات الإعلامية إلى تحمل مسؤولياتهم والنأي بمنشآتهم عن كل ما يمكن أن يمس من استقلاليتها ويضر بإنجاح المسار الديمقراطي كما تدعوهم إلى الايفاء بالتزاماتهم ومنها تلك المتعلقة بالوضعية الاجتماعية للصحفيين.
تدعو الصحفيين إلى التشبث بحرياتهم المضمونة بمقتضى الدستور ورفض كل ما من شأنه أن يمس من صورة الصحفي ومصداقيته التزاما بأخلاقيات المهنة الصحفية والتصدّي لكل محاولات توظيفهم خدمة لأجندات تتناقض مع نبل الرسالة المنوطة بعهدتهم.
تدعو مختلف الأحزاب السياسية إلى التحلي بروح المسؤولية وتجنب الانخراط في حملات من شأنها تعطيل اضطلاع الهيئة بمهامها في تطبيق القانون أو ضرب استقلاليتها.
هذا وتؤكد الهيئة على أن غياب تصورات وسياسات عمومية واضحة تتعلق بالإعلام السمعي والبصري أدى إلى ضبابية سادت المسار الاصلاحي برمته ووفرت الفرصة لمحاولات ضرب حرية التعبير والضغط على المؤسسات الضامنة لها.
واذا تثمن الهيئة مواقف منظمات المجتمع المدني والهياكل المهنية المساندة لعلوية القانون فإنها تنبّه إلى أن الاستحقاقات الانتخابية القادمة تستوجب اليقظة وتظافر جهود كل القوى الديمقراطية لضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الفاعلين السياسيين والتصدي لمحاولات توظيف المؤسسات الإعلامية لضرب نزاهة وشفافية المسار الانتخابي.
عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري
نائبة الرئيس
آسيا العبيدي