في ندوة صحفية، المشاركون يدعون الحكومة إلى المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري
نظّمت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ندوة صحفية، يوم الأربعاء 17 جوان 2020، حول مشوع القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري البديل للمرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الاتصال السمعي
والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري، بحضور الهياكل المهنية المتمثلة في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية لأصحاب التلفزات الخاصة والغرفة النقابة الوطنية للإذاعات الخاصة، إلى جانب الهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة حيث حضر رئيس رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وعضو الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الوطنية والدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وفي كلمته الافتتاحية للندوة، دعا رئيس الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري السيّد “النوري اللجمي”، الحكومة إلى الإسراع بإيداع مشروع القانون الأساسي المتكامل المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري لوضع حدّ للمحاولات الهادفة إلى ضرب قطاع الإعلام ومحاولة السيطرة عليه في ظل تجاذبات من شأنها أن تهدد المسار الديمقراطي في تونس، كما اعتبر أنّ سحب البرلمان للمبادرة التشريعية التي كان قد تمّ إيداعها خلال المدّة النيابيّة المنقضية يوم 03 جانفي 2018 دون أي سبب قانوني هي محاولة لفرض أمر واقع غايته إخضاع القطاع السمعي البصري لخدمة مصالح حزبية ولوبيات المال.
ضرورة التصدّي للمبادرات المشبوهة
كما جدّد رئيس الهيئة دعوته الهياكل المهنيّة والهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة إلى الوحدة والضغط في اتجاه المصادقة على القانون المتكامل الذي تمّ العمل عليه بصفة تشاركية منذ سنة 2015 وحضي بدعمهم وموافقتهم عليه، وذلك للتصدي للمبادرات المشبوهة على غرار مبادرة كتلة ائتلاف الكرامة النيابية التي تقدّمت بها يوم 04 ماي 2020 إلى مجلس نواب الشعب.
وفي حديثه عن مبادرة إئتلاف الكرامة أكّد عدم قانونيتها لتعارضها مع أحكام الفصل 148 نقطة 8 من الدستور التونسي، الذي ينص على أن “تواصل الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري القيام بمهامها إلى حين انتخاب هيئة الاتصال السمعي البصري”، كما أشار إلى أن اقتصار هذه المبادرة على تنقيح الفصلين 7 و17 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 بغاية إعادة تركيبة مجلس الهيئة وطرق انتخاب أعضائه من قبل مجلس نواب الشعب هو خرق واضح للقانون مردّه محاولة إخضاع الهيئة للمحاصصة الحزبية وضرب إستقلاليتها، وهو ما يُهدّد تجربة الانتقال الديمقراطي الذي يحتل فيها الإعلام دورا أساسيا كفضاء للنقاش العام والتداول السلمي على السلطة.
وأشار إلى أنّ هذه المبادرة المشبوهة تزامنت مع التصريحات الرسمية للسلط العمومية بوجوب تنفيذ القوانين على القنوات الرافضة لاحترام قرارات الهيئة ما يثبت نيّة بعض الأحزاب المرتبطة بهذه القنوات وضع اليد على قطاع الإعلام وتوظيفه حزبيا، وذلك عبر إلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي البصري وتعويضه بنظام التصريح ما يتعارض مع التجارب الديمقراطية المقارنة من قواعد لتعديل القطاع السمعي البصري.
إخلالات قانونية ودستورية
ومن جهته، اعتبر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري السيد “عمر الوسلاتي”، أن مبادرة ائتلاف الكرامة لتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 تنزلت في إطار مخالف للدستور التونسي في تناقض صريح مع مقتضيات الفصل 148 من الدستور نقطة 8 منه الذي يعطي للهيئة صلاحية إتمام مهامها إلى أن يتم المصادقة على قانون جديد وتجديد تركيبتها، كما تتعارض مع مبدأ استمرارية مؤسسات الدولة الذي أقرته المحكمة الإدارية فبقاء الهيئة هو تجسيد لإرادة المشرّع وليس لإرادة أعضائها.
كما حثّ نائب رئيس الهيئة على المصادقة على القانون الأساسي المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري خلافا لما تذهب إليه بعض الأحزاب السياسية من تنقيح للمرسوم عدد 116 حسب المقاس ممّا يمُسّ من الوظائف الدستورية للهيئة، مشيرا إلى أنّ إلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي والبصري وتعويضه بنظام التصريح، إنما تسعى بعض الأحزاب ولوبيات المال من خلاله إلى تركيز الإعلام في أيديها، مما يفتح المجال على عدم مراقبة المضامين الإعلامية في الإطار التعديلي للمحتوى.
مكافحة الفساد
وفي الإطار ذاته أكّد رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين السيّد “ناجي البغوري” أنّ مشروع ائتلاف الكرامة لتنقيح المرسوم عدد 116 هو شكل من أشكال تجسيد الفساد لأنه يُشرع لقنوات تلفزية وإذاعية تعمل خارج إطار القانون وتعمل لمصلحة بعض الأحزاب ولوبيات المال والتي بدورها تعمل اليوم على تغيير التشريعات لصالحها. كما أكّد ضرورة المصادقة على القانون الأساسي المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري والذهاب نحو إحترام الدستور والقانون ومكافحة الفساد، وعدم الذهاب نحو دولة ذات واجهة ديمقراطية لكن في الواقع تتحكم فيها لوبيات الفساد.
ووضّح السيّد “ناجي البغوري” أنّ مسألة تأخير المصادقة على القوانين الأساسية للهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة، التي تجاوزت الوقت المخصص لها تتحمل مسؤوليته الأطراف السياسية السابقة والآنية في مجلس نواب الشعب التي لا ترغب في المصادقة على قوانين الهيئات وتجديدها كما يضبط ذلك الدستور بل ترغب في تنقيح بعض الفصول في القوانين الموجودة من أجل تركيز هيئات على المقاس وتخدم مصالحها في إطار عام يضرب أسس مسار الانتقال الديمقراطي.
محاولات للسيطرة على الهيئات
وفي مداخلة لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد السيّد “شوقي الطبيب” تمّ التأكيد على دعم ومساندة الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري لاعتبارات دستورية، أمام المحاولات المستمرّة لأربع سنوات للسيطرة على الهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلة واختراقها وآخرها مبادرة ائتلاف الكرامة، وهو ما تبيّنه حملات التشويه التي طالت رؤسائها وأعضائها، موضّحا في سياق حديثه أن هناك نية واضحة للالتفاف على المكاسب الديمقراطية والارتداد عنها مشيرا إلى ضرورة توحيد مجهودات الهيئات للحدّ من مثل هذه المحاولات والتصدّي لها في إطار القانون.
واعتبرت عضوة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية السيدة “لمياء الزرقوني” أن هناك منهجية لاعتماد آليات قانونية للوصول إلى نتائج ابعد ما تكون عن المشرعية، ومثال ذلك تنقيح بعض القوانين وإحداث تغييرات على قوانين أخرى لتوجيهها لخدمة أطراف سياسية عوض المصادقة على قانون جديد ينظم عمل الهيئات على غرار ما بادر به ائتلاف الكرامة من تنقيح للفصلين 7 و17 من المرسوم عدد 116 وذلك لضرب استقلالية الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري.
وشدّد رئيس النقابة الوطنية لأصحاب التلفزات الخاصة السيّد “لسعد خذر” على ضرورة العمل الجماعي والوحدة بين كلّ الهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة ضدّ مبادرة ائتلاف الكرامة ومثيلاتها المستمرّة في محاولة تركيع الهيئات، كما دعا خلال مداخلته المؤسسات الإعلامية التي تعمل في إطار القانون إلى دعم مشروع القانون الأساسي المتعلّق بحرية الاتصال السمعي والبصري.
محاولات لضرب حرية الإعلام
وفي السياق ذاته، أكّد الأمين العام المساعد المسؤول عن الإعلام والنشر بالإتحاد العام التونسي للشغل السيّد “سامي الطاهري” وجود لوبيات حزبية داخل مجلس نوّاب الشعب لها مصلحة في ضرب حرية الإعلام ما يتطلّب توحيد الجهود بين مختلف الهياكل المهنية والنقابية والهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة والمنظمات المجتمع المدني للدفاع عن مسار الانتقال الديمقراطية وعدم العودة للاستبداد الذي تُمهّد له مبادرة ائتلاف الكرامة التي اعتمدت على أطماع مراكز النفوذ الحزبية والمالية التي ترى أنّها طريقة لتحقيق مكاسب سياسية عبر السيطرة على الإعلام.
وفي مداخلته عبّر رئيس الغرفة النقابية الوطنية للإذاعات الخاصة للهيئة السيّد “كمال ربانة” عن دعم ومساندة الإذاعات الخاصة للهيئة مؤكّدا على ضرورة المصادقة على مشروع القانون المتعلّق بحرية الاتصال السمعي البصري الذي تقدمت به الهيئة من أجل حماية المؤسسات الإعلامية التي تمثل ركيزة من ركائز النظام الديمقراطي.
واختتم سلسلة المداخلات عضو الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري السيّد “هشام السنوسي” حيث أكّد ضرورة المصادقة على قوانين الهيئات الدستورية والهيئات العمومية المستقلّة أمام مرور بعض الأحزاب بقوة في اتجاه فرض أمر واقع تتقاطع فيه مصالحها في
السيطرة على الإعلام، بغاية المحافظة على مكاسب الانتقال الديمقراطي.